سُنن الطواف حول الكعبة: تأمل في العبادة الروحانية
الطواف حول الكعبة هو أحد أبرز الشعائر الإسلامية وله مكانة خاصة في قلوب المسلمين. يتمثل الطواف في الدورة المستديرة حول بيت الله الحرام، وهو عمل عبادي يحمل في طياته العديد من السُنن التي وردت في السنة النبوية. سنتناول في هذا المقال سُنن الطواف ونلقي نظرة على الأدلة الشرعية التي تفسر وتوجه هذه العبادة الروحانية.
**1. النية الصافية: أول سُنة في الطواف هي أن يكون الحاج أو المعتمر قدرًا من النية الصافية والإخلاص لله تعالى. يجب أن يكون الطواف مُخلصًا لله ولهذه العبادة العظيمة.
الدليل الشرعي: "إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ" (صحيح البخاري).
**2. البداية من الحجر الأسود: ينبغي للحاج أو المعتمر أن يبدأ طوافه من حجر الكعبة الأسود، حيث يلمسه أو يقبله إذا كان ذلك ممكنًا. يُعتبر هذا الفعل سُنة ويُظهر التواضع والاستعداد للطاعة.
الدليل الشرعي: "ابْدَأِي بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ" (صحيح مسلم).
**3. الركن اليماني: خلال الطواف، يُفضل الحفاظ على الركن اليماني إذا كان ذلك ممكنًا. يعتبر هذا الفعل سُنة ويظهر الالتفات إلى السُنن النبوية.
الدليل الشرعي: "مَسَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَ وَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ وَالْكَعْبَةِ فَجَعَلَ النَّاسُ يَتَوَافَدُونَ إِلَيْهِ وَيَسْتَمِعُونَ" (سنن الترمذي).
**4. التمسك بالأذكار والدعاء: يفضل أثناء الطواف التمسك بالأذكار المأثورة والدعاء بخشوع وتواضع. يعزز ذلك التركيز على العبادة والاتصال الروحي.
الدليل الشرعي: "إِذَا طَافَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَتَكَلَّمْ فِيهِ وَلَا يُرِدُّ بِرَأْسِهِ وَلْيَقُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ وَنَسِئِكَ وَحَبِيبِكَ" (سنن الترمذي).
**5. الاهتمام بالطواف السُنة والمؤكدة: هناك سُنن مؤكدة وأخرى مؤكدة بشكل أكبر. الحاج أو المعتمر ينبغي أن يسعى للالتزام بكل هذه السُنن للحصول على أقصى الثواب.
الدليل الشرعي: "تَطَوَّعَ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الطَّوَافِ" (رواه الترمذي).
**6. الانتباه للصفوف والازدحام: يُفضل عدم الإلتفات للصفوف والازدحام أثناء الطواف لتجنب إلحاق الأذى بالآخرين. يبرز هذا السُنة الروح الاجتماعية وحسن التصرف.
الدليل الشرعي: "إِذَا طَافَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَتَكَلَّمْ وَلَا يُرِدْ بِرَأْسِهِ وَلْيَدُعْ عَنْ نَفْسِهِ وَلِيَسْتَبِقْ" (صحيح البخاري).
**7. الاستفادة من اللحظات الفريدة: ينبغي للحاج أو المعتمر أن يستغل لحظات الطواف في التفكير والتأمل، والتركيز على الربط بين العبد وربه.
الدليل الشرعي: "الطَّوَافُ حَوْلَ الْبَيْتِ وَالسَّعِيُّ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَرَمْيُ الْجِمَارِ ثَلَاثًا رَكْعَتَيْنِ" (صحيح مسلم).
**8. التواضع والخضوع: يظهر التواضع والخضوع في الطواف عندما يسعى الحاج أو المعتمر للالتزام بالسُنن بروحانية وتواضع.
الدليل الشرعي: "فَاتَّخِذُوا مِنَ الْحِلَلِ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ" (البقرة: 197).
ختامًا: في الختام، يظهر أن سُنن الطواف ترتبط بالتواضع والالتزام بالتعاليم الإسلامية. يكمن الجمال في تأمل الحاج أو المعتمر لهذه السُنن والعمل بها بروحانية وتواضع، مما يُعزز التجربة الروحية والربط القوي بالله تعالى.